قطاع الدواجن.. بين الحرب والحصار زيادة تكاليف وانخفاض إنتاج

اقتصاد سورية 09:02 17-09-2020

يشهد قطاع الدواجن تراجعاً ملحوظاً وذلك بفعل الحرب والحصار الاقتصادي أحادي الجانب المفروض على بلدنا والذي كان له الكثير من المنعكسات على أسعار الأعلاف المستوردة ومدخلات الإنتاج, كون المتحكم فيها هو سعر الصرف, ما أدى إلى ارتفاع أسعار منتجات الدواجن على المستهلك وبالتالي حرمانه من الكثير من هذه المنتجات نتيجة انخفاض القدرة الشرائية لديه.
حول الواقع الراهن لقطاع الدواجن أكد حكمت حداد -مربي دواجن لـ(تشرين ) أن سعر الصرف انعكس على المنتج النهائي (البيض والفروج) كون الأعلاف (الذرة والصويا) مستوردة بالقطع الأجنبي .حيث كان سعر طن الذرة في العام السابق أي منذ 17 شهراً (115) ألف ليرة واليوم وصل إلى 500 ألف ليرة أي زاد 4 أضعاف ما كان عليه ووصل سعر طن الصويا اليوم إلى بين 940- إلى 950 ألف ليرة بعد أن كان 270 ألفاً .كما ارتفعت أسعار باقي الإضافات لتتماشى مع سعر القطع الأجنبي, وكل ما هو مستورد لا يباع بسعر أقل من التكلفة وهنا يتوجب على الجهات المعنية مراقبة أسعار المدخلات كالأعلاف والأدوية.
وأشار حداد إلى أن المستوردين قلائل لا يتجاوزون 7 أو 8 شركات تستورد الذرة والصويا وهناك صعوبات تعترضهم في موضوع العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدنا وتؤثر على التحويل والدفع وتأمين البواخر, كما أن هناك شركات خارجية لا تبيع لسورية بسبب هذا الحصار, ما يلعب دوراً في غلاء الأسعار عن سعرها العادي وأيضاً يكلف تحويل الأموال إلى الخارج لدفع قيمة البضائع مبالغ زائدة, ما يضطر المستوردون للالتفاف على العقوبات وسعر الصرف, ولا يمكن للدولة أن تستورد إلا عن طريق مستوردين كونها محاصرة.
من جانبه أوضح المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير في الإنتاج الزراعي لـ(تشرين ) تأثير العديد من العوامل على أسعار منتجات الدجاج مثل تكاليف المدخلات (العلف، الصيصان، أسعار الأدوية واللقاحات البيطرية، إلخ)، ومستوى الدخل، والقوة الشرائية، وخيارات الاستهلاك للمستهلك، وأسعار المنتجات البديلة، والظروف الاقتصادية والتجارة الخارجية.
وأكد قرنفلة أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والموسمية لها دور مهم في أسعار منتجات الدجاج وكذلك توازن العرض والطلب في السوق. وضمن هذا النطاق تعد التطبيقات المتعلقة بالطلب الموسمي، وصحة قطعان الدجاج، وتخطيط الإنتاج الفعال الموجه مهمة جدًا . ولاسيما أن قطاع الدواجن يعتمد بشكل كبير على الموارد الخارجية في توريد جدّات وأمات الدجاج والمواد الخام العلفية (خاصة الذرة وفول الصويا) واللقاحات والأدوية ومضافات الأعلاف إلى حد معين، وفي ظل التقلبات التصاعدية الواسعة التي شهدها سعر صرف العملة المحلية تجاه سلة العملات الأجنبية فإن هذا الوضع يؤثر سلباً على استقرار أسعار منتجات الدجاج في الأسواق المحلية، ويحد من قدرة القطاع على المنافسة في الأسواق الخارجية نتيجة لزيادة تكاليف الإنتاج محلياً.
وأشار قرنفلة إلى أن إنتاج الدجاج السوري حقق تقدماً كبيراً في السنوات ما قبل الحرب من حيث الجودة والإنتاجية والقدرة، وعوامل مثل استخدام قطعان جدات وأمات الدواجن ذات العائد المرتفع، وتحديث مزارع الدواجن والمسالخ، ومستوى الاستثمار والعمالة، وتكامل صناعة الإنتاج، وزيادة طلب المستهلك، والتقدم في تنظيم المبيعات والتسويق، وممارسة التصدير. والجدير ذكره أن أسعار مدخلات الإنتاج ارتفعت بحدة عند مقارنة أسعار الأعلاف ما قبل الحرب والأسعار التي شهدتها الفترة القصيرة المنصرمة ( ارتفع سعر الذرة الصفراء 52 مرة وسعر الصويا حوالي 50 مرة ) مدفوعاً بتأثير التضخم الذي شهدته العملة المحلية نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تواجهه البلاد وكذلك انهارت القوة الشرائية للمستهلك بنفس الوقت .
العوامل المؤثرة على أسعار منتجات الدجاج

وأضاف قرنفلة :يجب أن ندرك أن في تسعير منتجات الدجاج عوامل أخرى فعالة إلى جانب تكلفة مدخلات العلف, حيث تأثر قطاع الدجاج السوري بسرعة بتداعيات الحرب التي أدت إلى انخفاض الإنتاج وندرة العمالة . وولدت عوامل مثل التقلبات الموسمية والدورية في الأسعار التي يشهدها السوق، وقلصت عدد المداجن العاملة وخفضت حجم الإنتاج وعدد الطيور المرباة والإنتاجية، وساهمت بزيادة انتشار الأمراض الحيوانية، وبددت البيئة الاقتصادية الآمنة التي كان ينعم بها القطاع، ورفعت من أسعار المواد الخام للأعلاف، ووسعت التغيرات في أسعار المنتج البديل (لحوم الغنم ولحوم البقر، والأسماك، إلخ. ) وبالنتيجة فإن الأسعار النهائية التي يفرضها السوق تارة ونظام التسعير المركزي تارة ثانية تؤثر على إمدادات منتجات الدجاج، فقد حدث انخفاض في إنتاج لحوم وبيض الدجاج نتيجة التضخم المرتفع، وارتفاع تكاليف المدخلات، والتسعير المركزي الذي كان يحابي المستهلك على حساب المنتجين، خلال الحرب للفترة من 2012 إلى 2020 . وتسببت المشكلات (ضعف القوة الشرائية للمواطنين وانعدام فرص التصدير ) التي واجهها القطاع خلال الحرب في انخفاض الطلب على لحوم وبيض الدجاج وأغلقت بعض المداجن . وانخفضت أسعار المنتجات، لينخفض معها إنتاج وتوريد فروج اللحم وبيض المائدة نتيجة الخسائر التي لحقت بالمربين، وساهم ذلك في انخفاض الاستفادة من الطاقات الإنتاجية المتاحة، ورفع نسبة البطالة في مزارع الدواجن التجارية، مترافقاً بركود مؤقت في استثمارات قطاع الدواجن، وزيادة أسعار المنتجات البديلة.
المشكلات الراهنة لقطاع الدواجن وما هو مطلوب ؟

في الوقت الحاضر، وعلى الرغم من التقدم المحرز في قطاع الدواجن يرى قرنفلة أنه ( نتيجة استقرار الأوضاع الأمنية في كثير من مناطق الإنتاج التي حررها رجال الجيش العربي السوري من أيدي الإرهاب والتقدم الملحوظ في مواضيع مثل الإنتاج والمعالجة والإنتاجية واستخدام التكنولوجيا والصيانة اليومية وظروف التغذية؛ تتركز العديد من المشكلات الحالية في نقطة خفض تكاليف الإنتاج، وإنشاء توازن العرض والطلب، وتوفير الكفاءة في التسويق والمركز التنافسي في المبيعات الخارجية. زيادة حجم الإنتاج، والقدرة على المعالجة في قطاع الدواجن يجب تقييمها في إطار تخطيط الإنتاج، ويجب البحث عن فرص التجارة الخارجية جنباً إلى جنب مع طلب الاستهلاك ومستوى الاكتفاء الذاتي . يجب تطبيق أنشطة الإعلام والدعاية بهدف زيادة استهلاك منتجات الدواجن وقيام مؤسسات التسويق الحكومية بدور أوسع وكفاءة أعلى في هذا الإطار .
التسعير المركزي القسري ألحق خسائر بالمربين
وأضاف : سعت سياسات التسعير الحكومي الاجتماعي المخفض إلى حماية المستهلكين من ارتفاع وطأة الأسعار، وتخفيف حدة التضخم، لتحقيق الاستقرار السعري والنسبي، وتخفيض تكاليف المعيشة لجميع فئات السكان، إلا أن هذه السياسات التسعيرية الإدارية اتسمت بارتفاع تكلفتها اقتصادياً ومادياً، واعتمدت دعم المستهلكين من جيوب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، وأدت إلى آثار سلبية غير محمودة في جميع قطاعات الاقتصاد الوطني، وخاصة قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء, حيث أدت إلى تباطؤ نمو الإنتاج الزراعي، وزيادة أسعار المنتجات بالسوق، وتناقص الاستثمارات الزراعية وزيادة العجز الغذائي، ما يدفع البلاد إلى الاعتماد على الاستيراد لتلبية حاجات الاستهلاك المحلي من المواد الغذائية.مشيراً إلى أن سياسات التسعير القسري للمنتجات الزراعية ألحقت خسائر كبيرة بالمزارعين، وتوقف عدد كبير منهم عن الإنتاج, ما ساهم بخفض حجم المعروض من المنتجات الزراعية بالأسواق، وارتفاع أسعارها بشكل متصاعد. حيث لجأ كثير من العاملين في السلاسل التسويقية إلى تصدير البضائع للدول المجاورة ولو تهريباً بهدف تحقيق سعر عادل يضمن استمراريتهم بالعمل

تشرين