نعم إنه الشرق الأوسط الجديد.. بقلم: رفعت إبراهيم البدوي

18:08 21-10-2023

بقلم: رفعت إبراهيم البدوي

انتهى الأسبوع الأول من عملية «طوفان الأقصى»، ومع كثرة التحليلات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تحمل في طياتها سيناريوهات عده متباينة، كان المفترض تبيان الخسائر الإستراتيجية التي مُني بها العدو الإسرائيلي، وعلى كل الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية وبرامج التجسس ومآلات التطبيع مع العرب.

لكن كثرة الحديث عن شرق أوسط جديد، سواء أكان من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي يريده «شرق أوسط خالياً من المقاومة الفلسطينية» ولو أدى إلى اجتياح غزة واحتلالها وتهجير سكانها إلى البلدان المجاورة، أو «شرق أوسط من دون الكيان الصهيوني»، كما يراه محور المقاومة.

أمام هذا المشهد لا بد لنا من السؤال عن أي شرق أوسط جديد يتكلمون؟ خصوصاً بعدما مُني العدو الصهيوني وجيشه الأسطوري بالهزيمة التاريخية، وظهور أصحاب الأرض والمقاومة الفلسطينية بأنهم صاحب الكعب الأعلى في إدارة المعركة الإستراتيجية «طوفان الأقصى»، وبنجاح وثبات منقطع النظير، على عكس ما يريده نتنياهو ومن خلفه الرئيس الأميركي جو بايدن.

ولنتبين إلى أي شرق أوسط جديد نتجه، من دون مقاومة أو من دون الكيان الصهيوني، لا بد أن أحيلكم إلى ما نشرته جريدة «هآرتس» للكاتب الإسرائيلي آري شاريت، فقد كتب هذا تحت عنوان «إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة»، مقالاً يقول فيها وبكل وضوح: «يبدو أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان إسرائيل إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة، وإذا كان الوضع كذلك فإنه لا طعم للعيش في هذه البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في «هآرتس»، ويجب الاقتناع بما اقترحه روغل ألفر قبل عامين، وهو مغادرة البلاد، خصوصاً إذا كان مفهوم اليهودية ليس عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان لدى كل مواطن إسرائيلي جواز سفر أجنبي ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فلنعترف بأن الأمر انتهى، ويجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس، ومن هناك يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة».

ويتابع شاريت: «علينا أن نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لمشاهدة الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق (…) أريد أن أضع إصبعي في عينيّ نتنياهو و(وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أفيغادور) ليبرمان والنازيين الجدد، لأوقظهم من هذيانهم الصهيوني».

ويقول شاريت: «إن القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم، وذلك بعد الإقرار بحقوق الفلسطينيين، وبابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض، وأحث على البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا وعدم الموت».

كاتب صهيوني يساري آخر وهو جدعون ليفي يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وبحقه في أرضه، ليس هذا فقط بل بتفوقه على الإسرائيليين، ويضيف جدعون ليفي: «يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا على شبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، وقلنا: ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة 1987، ثم أدخلناهم السجون وقلنا: سنربيهم في السجون، وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، وإذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم لسنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نشيّد الجدران العازلة والأسلاك الشائكة، وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً».

ويختم الكاتب قائلاً: «إن إسرائيل تواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم المشروعة وإنهاء الاحتلال، نعم إنه الشرق الأوسط الجديد».

لقد ثبت وبالدليل القاطع أن جيش هذا العدو، قد هزم شر هزيمة، وأن دعاية القوة والردع الإسرائيلي قد تحطمت أمام المقاومين الأشاوس وأمام أعين العالم، وأن هذا العدو المتعنت لا يفهم إلا لغة القوة، وأن لا حل ممكناً ما دام بقي الشعب الفلسطيني محروماً من أبسط الحقوق والقواعد والمبادئ الإنسانية، وأن الكلمة الفصل في القادم من الأيام سوف تكون لمصلحة محور المقاومة المدعوم من سوريه العروبة.

ومن هذه الواقع لابد لنا من سؤال هؤلاء العرب الأذلاء المطبعين مع العدو الإسرائيلي: عن الفائدة من التطبيع مع كيان ظهر بأنه كيان أوهن من بيت العنكبوت، وأنه كيان هش آيل للسقوط، نسأل أولئك المطبعين الذين حاولوا عبثاً التآمر وطمس القضية الفلسطينية، من أجل القبول بشرق أوسط جديد من دون مقاومة فلسطينية، فيما المقاومة الفلسطينية أثبتت مشروعية الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه المشروعة وبتحرير أرضه من الاحتلال، كما أثبتت أن عملية «طوفان الأقصى» ليست سوى البداية، على طريق ولادة شرق أوسط جديد، يُعاد فيه الحق لأصحابه، وفلسطين لأهلها، ولن يكون للاحتلال الإسرائيلي أو لهذا الكيان الغاصب أي وجود فيه، نعم إنه الشرق الأوسط الجديد الذي نريد.

المصدر: الوطن أون لاين