لم يكن يمزح !...محمد أحمد خبازي

08:54 23-04-2022

عندما قال لنا مسؤول كهربائي رفيع باجتماع خدمي آواخر العام المنصرم : "لم تعد إنارة المنازل أولوية لوزارة الكهرباء " ، كنا نظنه يمزح !. ولكن كما يبدو لم يكن يمزح أبدًا ، ففي الواقع الراهن لم تعد إنارة المنازل أولوية فعلًا ، إذ أن معظم ميغات التيار توزع للمنشآت الاقتصادية وغير الاقتصادية المعفاة من التقنين ، وللقطاع الزراعي لتشغيل آبار الري ، ولمحطات ضخ المياه ولعدد من المشافي العامة. وبالطبع كل ذلك من الضروري أن يُغذى بالكهرباء ، ولكن ليس من الحكمة أن يكون على حساب بيوتنا ، التي تزورها الكهرباء نصف ساعة كل خمس ساعات ونصف ـ وبأحسن الأحوال ساعة ـ وأن تتعطل فيها كل الأعمال المنزلية ، وتغرق بالعتمة في الليل ، ويدرس أبناؤنا فيها على ضوء الشموع . فإذا كانت قطاعات ما ، حساسة وتتطلب طبيعة عملها دوام الكهرباء فيها ، فالمواطنون يتفهَّمون ذلك ويقدرونه . وإذا كانت قطاعات أخرى ذات الأهمية الاقتصادية ، تسدد قيمة استجرار التيار بسعر عال ، فالمواطنون بحاجة للكهرباء أيضًا ، وهم يدفعون فواتيرهم بانتظام . وباعتقادنا الحكومة تعرف أن السواد الأعظم من الناس ، لا يستطيعون تأمين طاقة بديلة لإنارة منازلهم وللاستخدامات اليومية ، وأن لا قدرة مادية لهم لتأمين تكاليفها حتى لو اقترضوا من المصارف ، ولكن تلك القطاعات الاقتصادية قادرة على تركيب تجهيزات طاقوية مهما تكن مرتفعة ، لأنها بكل بساطة يمكن أن تستردها من عائدات منتجاتها وخدماتها. بل وحتى صاحب أي صنعة أو مهنة أو حرفة ، قادر على ذلك ، لأنه يتقاضى أجرة أي عمل ينجزه اليوم بحسب السعر الرائج بالسوق ، وكون دخله مفتوحًا وبلا حدود أو سقوف ، فيما المواطن العادي ونعني هنا الموظف ، ليس له غير راتبه المحدود والمنهوك ، وهو لا يسمن ولا يغني من جوع. وينبغي للحكومة أن تعرف أن هذا الواقع الكهربائي الراهن ، بارتدادته السيئة على كل مفاصل الحياة ، أوقع مواطنيها في ضيق شديد ، ما يتطلب الاهتمام والمعالجة . فرغم شح مصادر توليد الطاقة عمومًا ، فالكهرباء متوافرة ـ ولو بالحدود الدنيا ـ ومن حق المواطن أن يراها مقيمةً بمنزله ، بدلًا من زياراتها الخاطفة ! .