خلق الأمل ! ... محمد أحمد خبازي

14:46 12-07-2022

تضيقُ الدنيا على الأغلبية العظمى من الأسر في عطلة العيد ، التي لا تعرف منه غير اسمه ، ولم تعش فرحته منذ سنوات طويلة ، أي منذ أن صار شراء دمية أو بنطال أو حذاء جديد لطفل من أطفالها همًّا كبيرًا يثقل كاهلها . ومنذ أن أصبح توفير الحد الأدنى من مستلزمات العيد ، كابوسًا حقيقيًّا لها ، ومنذ أن صارت اللحوم والحلويات من المنسيات ، بل من ذكريات الزمن الجميل التي يتحدثون عنها في جلساتهم اليوم بحسرة وتوق !. فالعيد ـ أيُّ عيد ـ ليكون عيدًا حقيقيًّا ، بحاجة إلى جيوب مليئة يمد ربُّ الأسرة يده إليها لينفق على زوجه وعياله ، ويؤمن مستلزمات العيد بما يدخل البهجة والسرور إلى القلوب . فما بالكم إذا كانت الجيوب خاوية والأسعار كاوية ؟. وما بالكم إذا كان الناس ـ معظم الناس ـ في ضيق شديد ، ولا يعلم غير الله كيف يتدبَّرون قوت يومهم !. لقد وعدتهم الحكومة كثيرًا بتحسين ظروفهم المعيشية ، وبانفراجات في حياتهم وعلى كل الصعد . ولكن لا ظروفهم تحسَّنت ولا حياتهم انفرجت ، بل ازداد ضيقهم ضيقًا واشتدَّ بؤسهم بؤسًا ، وبات العيد بالنسبة إليهم مأساة !. إنه الواقع يا سادة ، فالعيد مأساة للفقراء الذين يقضون عطلته خلف أبواب بيوتهم لا على شواطئ البحر ، وفي غرفهم البائسة لا في غرف الفنادق الفخمة أو الشاليهات ، ويأكلون فيه كما يأكلون بكل يوم ، لا في المطاعم السياحية ولا حتى بالشعبية . إنهم يتنزَّهون بالحدائق العامة وفي جزر الطرقات ومنصفاتها ودوّارات الساحات الرئيسية ، وعلى الأرصفة بالمساء ، طعامهم "خيار وبندورة وكم حبة بطاطا مسلوقة" ، ومشروبهم الفاخر المتة والشاي ، وفي ذلك إصرار منهم على ابتداع الحياة وخلق الأمل ، وكيلا يفقدوا الشعور بإنسانيتهم .